يعد "هربرت سبنسر"H.Spencer أحد رواد الفكر الاجتماعي الذي تناول نظرية خاصة في تنمية وتطور المجتمع هي المماثلة البيولوجية . ولقد أراد سبنسر في كتابة (( الاستاتيكا الاجتماعية )) أن يوضح أن التقدم سواء في مجال الكائنات العضوية أو المجتمع أنما هو تطور من ظروف تؤدي فيها الإجزاء المتشابهة وظائف متشابهة إلى ظروف تؤدي فيها الاعضاء او الاجزاء غير المتشابهة وظائف غير متشابهة أي من الشكل الموحد إلى الأشكال المتعددة أو من التجانس إلى اللاتجانس . وفي هذا الفصل سوف نتناول النشأة والمولد لهذا الرائد وتوضيح لأهم المبادئ التطورية عند ( سبنسر ) التي سارت علية نظريته . وعرض لأهم أعمال سبنسر الذي قام بها ومؤلفاته الفكرية في مجال علم الاجتماع . والإشارة إلى المراحل التطورية للمجتمع . ثم نختم هذا الفصل بتقييم لإسهات (سبنسر ) .
ولد سبنسر في ويرلى بانجلترا في ( 1820-1903 ) لأسرة تنتمي إلى الطبقة المتوسطة وقد نشأ في أسرة كاثوليكية محافظة ولم يتلق التعليم في المدارس النظامية الحكومية منذ البداية وخاصة أن والده وخاله قاما بتوجيه أولا بدراسة العديد من الكتب والعلوم ولاسيما العلوم الرياضية والطبيعية التي انشغل بها كثيرا قبل الاهتمام بالعلوم الإنسانية والاجتماعية والفلسفية . كما كانت لسبنسر اهتمامات خاصة في علوم الإحياء والكيمياء . وبدأ حياته مدرسا ثم اشتغل في عمله المهني البعيد كل البعد عن العلوم الاجتماعية حيث عمل مهندسا في السكك الحديدية ولكنــه كان مشغولا بهذه العلوم والظواهر التي تقدم بدراستها وتحليلها ولم يلبث أن ترك الوظيفة وأشتغل بالأدب والسياسة و شئون الاجتماع وكتب مؤلفات ضخمة تدل على سعة العرض ودقة التحليل وعمق الفكر وأصالته . وكانـت مؤلفــاته مـرآة صـادقة للفكـرة التــي تشـبعـت بــها نفســـه وتبـلورت فـي تفكيـره وهـــي ( النشوء والارتقاء ) فحاول تطبيقها على الكائنات الحية في ميدان علم الإحياء ، وعلى الإنسان في ميدان علم النفس والأخلاق وعلى المجتمع في ميدان علم الاجتماع والسياسة . ثانياً : المبادئ التطورية عند ( سبنسر ) يعد ( المبدأ التطوري ) الأساس الحقيقي لمذهب ( سبنسر ) فقد صاغ في كتابة (( المبادئ الأولى )) ثلاثة قوانين أساسية أولها قانون ( استمرار القوة ) الذي يشير إلى وجود واستمرار نوع من العلة النهائية تفارق المعرفة . وثاني هذه القوانين ( قانون عدم قابلية المادة للفناء ) . والثالث هو ( قانون استمرار الحركة ) ويعنى أن الطاقة تتحول من شكل إلى أخر لكنها تستمر في هذه العملية . ويرى أن هذه القوانين وما أضافه إليها فيما بعد يمكن أن تتمثل في قانون ( التطور ) الذي كان عنده بمثابة القانون السامي لكل موجود . ويشرح (سبنسر) أراءه مستشهدا بالحياة الاجتماعية بأنها تشبه الحياة البيولوجية فالتطور الاجتماعي يقوم على فكرتين هما :
فالمجتمع في نظر (سبنسر) جزء من النظام الطبيعي للكون ، وعلم الاجتماع هو محاولة لمعرفة نشأة المجتمع وتركيبة وعناصره وهيئاته و مراحل نموه وتطوره وما إلى ذلك من المظاهر التي تخلقها العوامل الطبيعية والنفسية والحيوية . فالتطور الاجتماعي في نظرته ليس إلا عملية تطورية عضوية يسميها ( التطور فوق العضوى ) فالإجتماع الإنساني إذن هو أرقى صورة للتطور فوق العضوي .
لاشك أن سبنسر أحد دعائم الفكر الإجتماعي العلمي في القرن التاسع عشر وبالرغم من إتفاقه مع أوجست كونت في بعض الحقائق غير أنه لايعترف بأن كونت أسبق منه وصولا إليها وأهم أعمالة هي :ـ
(كما قدم سبنسر بعد ذلك إسهامات بارزة في النظرية البيولوجية حيث تكلم عن تطور الكائن العضوي) . ومن أهم الأعمال التي قدمها سبنسر في مجال علم الاجتماع
إذا كان المبدأ التطوري هو أساس نظرية سبنسر في علم الاجتماع لكنه مع ذلك قدم مبدأ ثانويا أخر لعب دروا رئيسيا في نسقه الفكري , ذلك هو المماثلة العضوية (البيولوجية) . فقد لاحظ عديدا من أوجه التشابه بين الكائنات الإجتماعية و الكائنات العضوية على النحو سبنسر التالي :
ولقد أدرك (سبنسر) أن هناك فروقا هامة بين المجتمعات والكائنات الحية يتمثل ( الفرق الأول ) في أن أعضاء الكائن الحي تكون كلا ملموسا ، أما أجزاءالمجتمع فحرة دعائم ومشتتة بدرجات متفاوتة . أما ( الفرق الثاني ) يتمثل في أن الوعي أو الشعور يتركز في جزء صغير من كل الكائن الحي بينما هو ينتشر في الأعضاء والأفراد في المجتمع . أما ( الفرق الثالث ) في أن أعضاء الكائن الحي أنما توجد لتحقيق الفائدة للكل بينما يوجد المجتمع لمجرد تحقيق الفائدة لأعضاء ه الفرديين . ( ويرى سبنسر أن المجتمع ليس كائنا عضويا طالما أن هناك فروقا جوهرية بينة وبين الكائن العضوي ) . وأكد أن المماثلة البيولوجية ماهي إلا معبرا أو صقالة لإقامة إطار متماسك من الاستقرار السوسيولوجي . ويقول إذا مانزعنا هذاالمعبر قامت الإستقراءات بذاتها .
ينطوي عمل سبنسر على خطين من التبرير حول تقدم وتطور المجتمع أو التطور الاجتماعي ويرتبط واحد منهما منطقا بمفهومه الأساس عن التطور ارتباطا أكثر فاعلية من الآخر .
وأوضح سبنسر أنه ليست هناك ضرورة ملحة لتحول المجتمعات خلال مراحل التطور المحددة . كما أن كل مجتمع لا يشبه الأخر تماما فهناك فروقا بين المجتمعات ترجع إلى الإضطرابات التي تتدخل في خط التطور المستقيم . هذا عرضا عام موجزا لأراء ( سبنسر ) الاجتماعية . ولاشك أن له دورا هاما في تطور الفكر الاجتماعي . غير أن الإسراف في إتجاهاته البيولوجية قللت من قيم أعمالة .