اجتماعي ـ موقع الدكتور مولود زايد الطبيب

الخميس, 11 21st

آخر تعديل في الموقع الإثنين, 18 كانون1 2023 2pm

السلطة السياسية

1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 Rating 3.18 (11 Votes)

إن نظرة الكتّاب السياسيين للسلطة السياسية لم تكن واحدة ، وما ذلك إلا نتيجة لاختلاف اتجاهاتهم وتأثرهم بالسلطة التي يعيشون تحت ظلها . ومن هنا يرى فريق منهم أن السلطة السياسية هي تنظيم سيء يقوم على استغلال الأفراد واضطهادهم ، دون أن تكون هناك ضرورة ملحة له ، ومن ثم يجب الاستغناء عن هذا التنظيم وإقامة مجتمعات لا مكان فيها للسلطة السياسية . في حين يرى فريق آخر أن السلطة السياسية لازمة وضرورية ، وأنها وإن كانت شراً فإنها شر لابد منه للحفاظ على الجماعة ولتنظيم المجتمع وضمان توافقه وتجانسه ، ولذلك انقسم الكتّاب إلى رافضين ومؤيدين للسلطة السياسية .

- الفقيه " موريس ديفرجيه Maurice Duverger " يميز بين عدة معان لاصطلاح السلطة فهي تعني تارة سلطة الحاكمين واختصاصاتهم ، وهذه وجهة نظر مادية ، وتعني تارة أخرى الإجراءات التي يمارسها الحكام استناداً إلى اختصاصاتهم ، وهذه وجهة نظر شكلية ، وتعني تارة ثالثة الحكام أنفسهم وهذه وجهة نظر عضوية . - أما الأستاذ " جاك مارتان Jacques Maritain " فيذهب إلى ضرورة التفرقة بين القوة والسلطة السياسية ، فالقوة هي التي يمكن بواسطتها إجبار الآخرين على الطاعة ، بينما السلطة اليبايبة هي الحق في توجيه الآخرين وأمرهم والتزامهم بالطاعة . ولذلك فإن السلطة تتطلب قوة ، أما القوة بدون سلطة فهي قهر وظلم واستبداد ، ومن ثم فإن السلطة تعني " الحق " ، وما دامت السلطة حقاً فإنها يجب أن تُطاع بوازع من الضمير ومن أجل المصلحة العامة ، والمحصلة النهائية لذلك تؤكد أنه لا سلطة بدون عدالة ، لأن السلطة الجائرة ليست بسلطة ، كما أن القانون الجائر ليس بقانون . - ويذهب الفقيه " هانز مورجنتو Hans Morgentha " مؤسس المدرسة الواقعية إلى أن السلطة السياسية هي علاقة نفسية بين من يمارسون السلطة ومن تمارس عليهم السلطة ، وهي تعطي للحاكمين حق مراقبة أفعال المحكومين ، من خلال التأثير الذي تباشره على عقل وفكر المحكومين ، كما أن أساس خضوع هؤلاء لتأثير السلطة ينبع من مصادر ثلاثة :

  • توقعهم الحصول على منافع أو مزايا .
  • خوفهم من مضار أو مساوي عدم الخضوع .

وهذا يعني أن المحكومين هم أسرى مصالحهم الشخصية التي تجعلهم خاضعين للسلطة ، سواء تمثلت هذه المصالح في جلب منفعة أم دفع ضرر . ويرى الدكتور عبدالله ناصيف في بحثه عن ( السلطة السياسية ، ضرورتها وطبيعتها ) ، أن السلطة السياسية هي قوة مخصصة لإدارة جماعة بشرية ، يتولاها شخص أو أكثر بطريقة مشروعة أو غير مشروعة ، لتحقيق غايات معينة .

  • حبّهم للنظام أو احترامهم للحاكمين .

أما ممارسة هذه السلطة ، فقد تكون من خلال الأوامر ، أو التخويف والتهديد ، أو الإقناع ، أو قد تكون من خلال هيبة الحاكمين أو سطوة جهاز أو هيئة ، أو قد تكون خليطاً من هذه الوسائل مجتمعة .

  • أما الفقهاء الماركسيون فيرون أن السلطة السياسية هي " قوة الطبقة الحاكمة لقهر واستغلال الطبقات الأخرى "، وأنها كذلك نتاج سيء لانقسام المجتمع إلى طبقات ، وينتهي المطاف بهم إلى أن السلطة سوف تزول لا محالة ، بمجرد اندثار كافة مسببات التناقض الطبقي ، ويعرفها " كارل ماركس " بأنها – وبالتحديد – التعبير الرسمي عن تناقضات المجتمع المدني .
  • ويعرّفها " فردريك إنجلز " بأنها " فرض إرادة التغيير " .
  • ولعل أكثر التعريفات التي لاقت قبولاً وتأييداً من عدد كبير من الفقهاء ، تعريف الفقيه الفرنسي الكبير " جورج بيردو Georges Burdeau " إذ يعرّف السلطة السياسية بأنها " القوة النابعة من الوعي الاجتماعي ، والرامية إلى قيادة الجماعة بحثاً عن الخير المشترك ، والقادرة – عند الاقتضاء – على إجبار الأفراد بالامتثال لتوجيهاتها ".
  • أما الفقه العربي ، فقد تعددت اجتهاداته لتعريف السلطة :
  • فيرى الأستاذ الدكتور " طعيمة الجرف " " أن تعريف السلطة العامة قد استقر على أنها قدرة التصرف الحر التي تباشر بحكم سموها ، مهمة حكم الناس عن طريق خلق النظام والقانون بصفة مستمرة ".
  • أما الدكتور " ماهر عبدالهادي " – في مؤلفه عن "السلطة السياسية في نظرية الدولة"- فيرى أن لاصطلاح السلطة السياسية معنيين ، أولهما معنوي والثاني مادي .

وتعني السلطة السياسية بمعناها المعنوي ، القوة والقدرة على السيطرة التي يمارسها الحاكم أو مجموع الحكام على المحكومين ، والمتمثلة في إصدار القواعد القانونية الملزمة للأفراد وفي إمكانية فرض هذه القواعد عليهم باستخدام القوة المادية ، في حين يتمثّل معناها المادي أو العضوي في أجهزة الدولة . المصدر : موسوعة الثقافة السياسية الاجتماعية الاقتصادية العسكرية / مصطلحات ومفاهيم ، عامر رشيد مبيّض .

مواضيع مرتبطة